تلعب المعلومات في العصر الحالي المعروف بعصر المعلومات دورًا حيوياَ في نجاح أية منظمة بغض النظر عن نوعها حكومي أو خاص.
وأمن تلك المعلومات أمر ضروري للمنظمات التي تهم بحماية ممتلكاتنا وخاصة أصولها الفكرية من الوقوع في أيدي المنافسين أو غيرها من الكيانات التي يمكنها إساءة استخدام تلك المعلومات مثل قراصنة الشبكات وإرهابيي الفضاء المعلوماتي.
وهناك حاجة كذلك إلى التوثق من الأشخاص [سواء من داخل المنظمة أو خارجها] الذين يصلون إلى تلك المعلومات لضمان عدم تغييرهم لها أو الحذف منها أو التلاعب فيها.
لذا فإن إدارة قواعد البيانات في حاجة إلى وجود آلية للتحقق من هوية الشخص قبل السماح له بالوصول إلى المعلومات المخزنة.
وهناك عدة طرق رئيسة يمكن استخدام واحدة منها أو أكثر للتحقق من هوية المستخدم. وبشكل عام هناك ثلاث فئات رئيسة يمكن استخدامها للتحقق من هوية المستخدم.
الفئة الأولى: هي شيء يملكه الشخص مثل البطاقات الذكية، والبطاقات المعتمدة، والمفاتيح.
الفئة الثانية: شيء يعرفه الشخص مثل كلمات السر، وأرقام الهوية.
الفئة الثالثة: ما يكون عليه، أي خصائص معينة تتوافر فيه مثل بصمات الأصابع وشبكية العين، أي الخصائص الجسدية للشخص.
وتعتبر الفئة الثالثة من أفضل النظم المستخدمة، وهو ما يعرف بالقياسات الحيوية للتحقق من شخصية المستخدم؛ لأنها تعطي درجة عالية من الأمان مقارنة بالأساليب الأخرى للتوثق من الشخصية، حيث لا يمكن نسيانها أو سرقتها أو فقدها كما في كلمات السر والبطاقات والمفاتيح.
لذا هناك اتجاه الآن في مجال أمن الحاسبات والمعلومات باستبدال كلمات السر والبطاقات الذكية بالقياسات الحيوية واستخدامها لتحديد هوية الشخص والتعرف عليه، وتسمح له بالوصول جسديًا أو منطقيًا. إلى مبنى، أو حاسب آلي، أو قاعدة بيانات.
تعريف القياسات الحيوية:
وهي تعني قديمًا بتطبيق الطرق الإحصائية والرياضية لتحليل البيانات في العلوم البيولوجية. أما الآن فإن المصطلح يشير أيضًا إلى تقنيات تحديد هوية الأفراد من خلال الخصائص البيولوجية الموجودة في الجسد أو السلوك، مثل بصمة الإصبع، وقزحية العين وشبكيتها، والصوت، والتوقيع لتمييز شخص ما عن بقية الناس.
وقد نستخدم القياسات الحيوية بوعي أو بغير وعي؛ حيث نصف أحد الأشخاص أحيانًا على أنه "الفتى الطويل ذو الشعر البني" أو "الفتاة القصيرة ذات الشعر الأشقر والعيون الزرقاء". وهكذا نستخدم القياسات الحيوية لتحديد هوية الأشخاص بناءً على خصائصهم الجسدية.
وتقود أوروبا العالم الآن في استخدام القياسات الحيوية، أما أكبر سوق فمن المحتمل أنها ستكون في آسيا وبالتحديد في كوريا الجنوبية واليابان.
فئات القياسات الحيوية:
يمكن تقسيم القياسات الحيوية إلى فئتين: الخصائص الجسدية (المادية الفسيولوجية)، والخصائص السلوكية، وهي تعتمد على استخلاص البيانات من القياسات التشريحية للشخص.
والفئة الثانية أقل ثباتًا من الأولى، وتتغير مع الضغط أو الضعف، كما أنها أقل أمانًا.
ولكنها تمتلك ميزة عن الفئة الأولى حيث من الممكن أن تكون غير واضحة للشخص، أي يمكن تحديد هويته دون أن يدري أنه خضع لهذه العمليةـ وهي أكثر قبولًا من قبل الأشخاص لأنها أقل تطفلًا.
فئات القياسات الحيوية والأنواع التي تندرج تحتها:
الخصائص الفسيولوجية:
- (DNA) الحمض النووي
- بصمات الأصابع
- هندسة اليد أو الأصابع
- الوجه
- بصمة العين (قزحية العين)
- شبكية العين
الخصائص السلوكية:
- التعرف على الصوت
- التعرف على التوقيع (الإمضاء)
- إيقاع حركة اليد في استخدام لوحة المفاتيح.
وينبغي أن تكون السمات الجسدية والسلوكية المستخدمة من أجل التعرف فريدة، أي أنها تكون موجودة في أي لا تتغير مع مرور، شخص واحد فقط وألا تظهر في شخصين على مستوى العالم. ودائمة الزمن أو لا يمكن تغييرها.
وقابلة للقياس، أي تكون قابلة للقياس باتساق باستخدام الأدوات التقنية، كما يجب أن يكون المعلومات التي تم قياسها قابلة للتخزين على نحو فعال، وقابلة للمقارنة في قاعدة البيانات المرجعية الحيوية بحيث يمكن تحديد الفرد والتأكد منه باستخدامها. كما ينبغي أن يكون الحصول على ملامح هذه السمات غير ضار للشخص.
تعرف بصمات الأصابع:
بصمة الإصبع عبارة عن نتوءات بارزة في بشرة الجلد تجاورها منخفضات، بحيث تجعل عملية الإمساك بالأشياء أكثر سهولة ولكل شخص شكلًا مميزًا لبصمة إصبعه.
وقد ثبت أنه لا يمكن للبصمة أن تتطابق وتتماثل في شخصين في العالم حتى التوائم المتماثلة التي أصلها من بويضة واحدة، وهذه الخطوط تترك أثرها على كل جسم تلمسه وعلى الأسطح الملساء بشكل خاص.
وتعتبر تقنية تعرف بصمة الإصبع الأشهر والأكثر استخدامًا في أمن البيانات، مقارنة بمسح شبكية العين واستخدام نظام بصمة الإصبع نظام بسيط حيث يتم تسجيل البصمة، ثم تصنف نماذج البصمات التي تم أخذها للشخص وفقًا لليد التي تم أخذها منها والأصابع كذلك.
وبعد ذلك يتم استخدام بطاقة بصمة الإصبع لتحديد بعض النقاط الفريدة لتعرف بصمة الشخص. وتسمى هذه النقاط بعلامات بصمات الإصبع ويمكن استخدامها إذا تم استخدام نظام مضاهاة إلكتروني.
شبكية العين:
تعرف الشبكية يتعلق بتسجيل وتحليل أشكال الأوردة الدموية الموجودة في العصب الموجود في خلفية مقلة والذي يعالج الضوء الداخل من خلال إنسان العين.
وطريقة عمل هذه التقنية يتلخص في إطلاق شعاع من الضوء ذو شدة منخفضة داخل مقلة العين وتسجيل شكل الأوردة في العين.
وينبغي أن يكون الشخص قريب جدًا من عدسات جهاز مسح الشبكية، ويحدق مباشرة في العدسات، ويظل ساكنًا أثناء مرور الضوء داخل إنسان العين، وأية حركة من الشخص قد تتطلب إعادة العملية من البداية.
القزحية:
القزحية (المنطقة الملونة في العين) هي العضو الداخلي المحمي من العين، تقع خلف القرنية وأمام العدسات].
وتتمثل طريقة عمل نظم تعرف القزحية في إنارة الماسح للقزحية بضوء الأشعة تحت الحمراء غير المرئية، مما يبين تفاصيل أكثر تكون غير مرئية للعين والتقاط صورة أبيض وأسود ذات درجة وضوح عالية للقزحية باستخدام كاميرا صغيرة ذات جودة عالية. ثم يحدد النظام حدود القزحية، وينشئ نظام إحداثيات ويحدد مناطق التحليل في هذا النظام.
الوجه:
تحديد الهوية عن طريق الصور هي استخدام آخر واسع النطاق للقياسات الحيوية. ويستخدم هذا النوع من التعرف في جميع أنحاء العالم للحالات المهمة، مثل جوازات السفر الدولية، والحالات التي تحتوي على أسماء ويعتمد نظام تعرف الوجه على التعرف إلى هيكل الوجه، فالمسافات بين العين والأنف والفم... إلخ
فريدة في الشخص وفرصة تكرارها في شخص آخر نادرة جداَ. وتعرف الوجه هو رسم خريطة لوجه الشخص وتذكر البيانات الأساسية عن محيط الوجه والمسافات بين مكوناته وعند المسح يتم محاولة البحث عن أقرب مضاهاة.
ويوجد أكثر من 80 نقطة في بنية الوجه يمكن استخدامها في تحديد الوجه بشكل لا لبس فيه. ولا تستخدم النظم المختلفة عادة هذه النقاط جميعها، ولكنها تحلل عدد صغير منها من خلال تحليل المسافات بين النقاط.
وتتأثر عملية تصوير الوجه بالعديد من العوامل منها الإضاءة، وزاوية التصوير، والمسافة بين جهاز التصوير والشخص، وجودة جهاز التصوير.
هندسة اليد:
تستخدم هندسة اليد منذ 30 عامًا تقريبًا للتحكم في دخول الأماكن. وتأخذ تقنية هندسة اليد 96 قياسًا لليد، تشمل العرض، والطول، وطول الأصابع، والمسافات بين ملتقى الأصابع وعقلها، وأشكال المفاصل.
وتستخدم نظم هندسة اليد كاميرا ضوئية وضوءًا يطلق من صمام ثنائي وعاكسات لتسجيل صورة متعامدة وثنائية القياسات المأخوذة لليد ومقارنتها ويتم ترقيم الأبعاد لظهر اليد وجوانبها بالبيانات المخزنة من قبل لصور الأيدي.
ورغم أن الشكل الأساسي ليد الشخص تبقى ثابتة نسبيًا على مدى عمره، فإن العوامل الطبيعية والبيئية يمكن أن تسبب اختلافات طفيفة.
تعرف التوقيع:
يتم في هذه التقنية تحديد الهوية باستخدام توقيعات خط اليد. ونظم تعرف التوقيع تحلل عنصرين الأول التوقيع ذاته (شكل التوقيع).
والثاني الملامح المميزة لعملية التوقيع (آلية التوقيع) مثل السرعة والضغط على القلم والاتجاهات. وربما يكون من الممكن تقليد التوقيع، ولكن من الصعب إن لم يكن من المستحيل تقليد آلية التوقيع.
وتستخدم نظم تعرف التوقيع أدوات مختلفة منها اللوح الرقمي حيث يوقع الشخص باسمه على اللوح ثم يحلل النظام آليات التوقيع ويمكنه تتبع اختلافات التوقيع عبر الزمن. ثم يتم ترميز بيانات.
استخدام لوحة المفاتيح:
تعتمد فكرة هذه التقنية على تسجيل بعض سمات استخدام الشخص للوحة المفاتيح، ثم محاولة التعرف على شخص ما إذا كان يتبع هذه السمات.
ويقيس نظام تعرف استخدام لوحة المفاتيح متغيرين وهما: طول الوقت الذي يكمن فيه الشخص على مفتاح معين، ووقت الكمون، أي طول الوقت الذي يستغرقه الشخص للانتقال بين المفاتيح.
الصوت:
للصوت عناصر وخصائص مميزة له مثل نغمة الصوت، وإيقاعه، ونبرته وملامح أخرى تجعل تلك الخصائص محددة لشخص معين، وهذا ما تعتمد عليه نظم تعرف الصوت في التوثق من الشخص.
هو مجال بحثي حديث، يحظى باهتمام عدد كبير من مهندسي الحاسب الآلي للعمل على تحسين نظم المحادثة بين الإنسان والآلة.
DNA الحمض النووي:
تستخدم قياسات الحمض النووي على نطاق واسع في الحالات القضائية. وخاصة في حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي لتحديد مرتكبها.
ويمكن استخلاص الحمض النووي من أي مصدر جسدي مثل الشعر أو الدم أو العرق والإفرازات وأية سوائل جسدية أخرى. ولا يمكن أن تتكرر مضاهاة الحمض النووي بين الناس.
ومن الممكن استخدام الحمض النووي في تأمين شبكات المعلومات. وهو يختلف عن القياسات الحيوية الأخرى بعدة طرق:
- يتطلب تحليل الحمض النووي وجود عينة مادية مثل الشعر أو الدم.
- لا تتم المضاهاة في الحمض النووي في الوقت ذاته، وحاليًا لا تتم جميع المراحل بشكل آلي.
- مضاهاة الحمض النووي لا تستخدم القوالب أو استخلاص الملامح، ولكنها تمثل مقارنة بين عينات حقيقية.
الكاتب: د. فايزة دسوقي أحمد أستاذ مساعد- قسم دراسات المعلومات كلية علوم الحاسب الآلي والمعلومات بجامعة الإمام بالرياض
المصدر: موقع لها أون لاين